اميره المرقب العام
عدد الرسائل : 95 تاريخ التسجيل : 17/01/2008
| موضوع: ملح وقطعة سكر .. السبت مارس 01, 2008 4:26 am | |
| ..
لم يكن بوسعي سوى أن أقطن بمفردي ، في تلك البقعة الغزية بجوار احدى
مستودعات الوحدة ، لكنها بمعنى الراحة واسترخاء الأعصاب من ظنون الإزعاج
والترقب من بعض الفضوليين .
الجارة الحسناء التي لم تتجاوز السابع والعشرين من العمر لم يكن قد اقترب منها
جنون الانطواء ولا انكماش التعارف ، أصبحت العلاقة بيننا يومية ، مثل نظرة
مباغتة لا تترقب سوى عمل بعض الطعام والحضور به إلى منزلي ، تبتسم برقة
وتتحول إلى شقتها المجاورة بدلال صاخب ، تنزعج أحيانا ً عندما لا أطلب شيئا ً
أو ان أحاول أن أضع حدودا ً لائقة ، تصيبها صدمة ، ريبة ، شهقة صغيرة من
الغضب
_ أنت َ أيها الصغير لا تحتاج سوى للدفء ، من لك غير بعض الطعام أجلبه إليك .
أبتسم بتودة قائلا ً
_ ليس لي أحد هنا سوى يديك العامرة بالحب .
تدخل المطبخ ، تشد الأواني من رفقة المجلى ، تفتح صنبور الماء ، الماء بارد
ياااه
_ احمد هل لك أن تضع يديك هنا .
_ يداكِ باردة جدا !
تضحك وتدير وجهها بشقاوة _ أقصد الماء أيها المجنون .
يصيبها اغماءة من العمل ، تتمدد على الأريكة ، تنظر إلى الحقول المجاورة
إلى سقف البحر وهو يتخطى المدى ، بينما أتناول قهوتي بصعوبة ، أعود خاطفا ً نفسي
إليها بعد جرعة من الكتابة على صفحات الماضي .
_ ماذا بك ِ !
_ لا أبدا ، فقط الاحساس بالتعب قليلا ً ، لكنني الآن بحالة جيدة ، لا تشغل بالك أنت .
خرجت من المنزل إلى الشارع ، إلى المقهى وبائعي الكلام من الناس ، الجو شائك
ملبد بالقصف ، ودخان السجائر غالي الثمن ، اشتريت علبة ، ارتقيت المصعد إلى
الطابق السادس ، حاولت أن أفتح باب المنزل ، يااه المنزل مغلق ، الجارة العنيدة
عادت إلى منزلها ، لم يكن بوسعي سوى أن اهرع في الممر الصغير إلى الشقة المجاروة
وارن عليها ، أنتظر ، يطول الانتظار ، لا أحد يرد ، أتناول الهاتف ، يرن قلبي بامتعاظ
لا أحد يرد ، مر الوقت تباعا ً ، مرض الزمن ، توقف ببطء ، لا يمكن لي أن أتصل
بزوجها ، لا يمكن أن أسال نساء الحارة ولا جيران السوء ، ولا بعض المتهمين
ببعض الفضول والانشغال ، مر اليوم نصفه ، كله ، أتنقل بين زوايا الثبات بجمود
صعب المراس ، أنغرس بين شوارع البرج ، أتهم نفسي ببعض البغاء ، أفكر
أ... يااه
_ ماذا تفعلين هنا ؟
رأيتها في محل قريب جدا ، كوافير فالنتيو للسيدات ، تتمايل خطوة خطوة ،
تصدر منها ضحكة مباغتة
_ نسيت المفتاح معي ، أسفة جدا ً .
_ كنت سأنتحر ، أنت ِ مصيبة !
ركضت منها ابتسامة شقية ، ثم قالت
_ نسيت الملح أيضا ً ، سأجئ به إليك ونتناول العشاء سويا ً.
نظرت إلى شعرها الأشقر ، الصبغة ملونة بدهاء ، الألوان طافحة ، الوجه منبسط
الأسارير ، اللهفة عامرة بالخطيئة القادمة ، تراجعت إلى الخلف وعدت إلى
الانتظار ..
. | |
|